رواية احقا تراني هكذا
البارت السادس والعشرون (الاخير)
للكاتب المصري محمد مالك
جميع الحقوق محفوظةوتسترد رشا عافيتها بسرعة عجيبة وتعود الي منزلها الفاخر بالمنطقة الراقية حيث طلبت من اختاها نسمه ومنه ان يذهبوا معها الي هناك وان يقيموا معها ايضا اقامه دائمه وان يتركوا المنزل القديم الكائن في حاره شعبية بسيطة ولكنهم رفضوا الانتقال معها الي هناك فمازالوا يتمسكون برأيهم واعتقادهم بأن رغد العيش والترف الذي فيه رشا الان مصدره مال حرام وهم لا يريدون مطلقا ان يتنعموا في هذا النعيم المحرم .. واصبحت رشا وحدها في هذا المنزل بدأت تشعر بالندم وبدات تفكر في كل ما حدث لها وتربط الاحداث جميعها ببعضها البعض اعتزلت في غرفتها اصبحت لا تكلم احد ولا تخرج من المنزل مطلقا وكلما اتاها عرض او لقاء تليفزيوني كانت ترفضة .. اختفت تماما عن الاضواء .. ظلت علي هذه الحال شهرا كاملا وفي يوم من الايام استيقظت لتجد الكيس الاحمر امامها علي السرير ولكن تلك لم تتعجب كسابقتها من المرات فقد ايقنت ان كل ذلك لحكمة واحدة الا وهي العودة الي الله .. قامت فتوضات بنية الصلاة وقرآة القرآن وفتحت المصحف واخذت تقرأ فيه بكل خشية وندم ثم قامت فوقفت بين يدي الله وبدأت تصلي ودموعها تزرف بالندم علي ما مضي .. ثم بعد ان فرغت من الصلاة اخذت تسبح الله وتشكره علي عنايته لها وتستغفره عسي ان يغفر لها .. ظلت علي تلك الحالة شهرا اخر بعدها عادت الي منزل ابيها القديم ومعها حقيبة ملابسها وقامت بطرق الباب وفتحت لها نسمه
نسمه مندهشة .. رشا !!
رشا .. ازيك يا نسمه ؟
نسمه .. اتفضلي
رشا تبكي منهاره ونسمه متعجبة
نسمه .. مالك يا رشا ؟!!
رشا تحضن نسمه بقوة وهي تقول
رشا .. سامحيني يا نسمه .. سامحوني كلكم .. انا غلطت في حقكم وحق نفسي .. بس انا خلاص ندمت وتبت وجاية عشان اقعد معاكم
نسمه .. طب وشقتك؟!
رشا .. انا بعتها وبعت العربية واخدت فلوسها واتبرعت بيها لدار الايتام .. حتي فلوسي اللي في البنك اتبرعت بيها لمستشفي سرطان الاطفال .. انا خلاص مبقاش معايا ولا جنيه ولا بقي حيلتي ولا حاجة .. انا طهرت نفسي من كل حاجة حرام وجاية عشان اعيش معاكم وفي حضنكم انا تعبانه بجد ومحتاجاكم جمبي .. قلت ايه يا نسمه ؟ هتدخليني اقعد معاكم ولا هتطرديني تاني ؟!!
نسمه تلمع عيناها ثم تبتسم فرحا وتقول
نسمه .. لا طبعا مقدرش اطردك بعد ما رجعتي رشا اللي نتشرف بيها ..
ثم يحضنان بعضهما بكل حب وشوق
ويمر يومان وفي المساء يُطرق باب الشقة لتفتح رشا الباب فتجد نور الرجل الغامض واقفا امامها ويبتسم في وجهها فرحا لأول مره في حياته
رشا مندهشة .. انت !! انت عايز مني ايه تاني ؟! وعرفت عنواني هنا ازاي ؟!
نور .. ممكن اتكلم معاكي في موضوع مهم ؟!!
رشا .. اتفضل لما اشوف اخرتها
وبعد ان تأذن له بالدخول تفاجئ بأنه يطلب يدها للزواج
رشا .. انت عاوز تتجوزني انا ؟!
نور .. اها
رشا .. ليه ؟!
نور .. يعني ايه ليه ؟!! مش فاهم ؟!!
رشا .. يعني اشمعني انا ؟!!
نور .. لأنك نصيبي وقسمتي
رشا .. بس انت عارف انا كنت بشتغل ايه ؟!!
نور .. ايوا عارف .. وعارف انك دلوقتي بقيتي ايه .. بسم الله ما شاء الله .. النور والرضا علي وشك
رشا .. بس انا لحد الان معرفش انت مين ؟!!
نور .. كل اللي يهمك تعرفيه اني انسان بسيط بعرف ربنا وبحرص جدا علي طاعته وانا مستعد لكل طلباتك واوعدك انك مش هتندمي ابدا لو وافقتي انك تتجوزيني !!
رشا تشعر بارتياح شديد لهذا الرجل الغامض وتوافق علي الارتباط به لأنه تعلم جيدا انه كان سببا في نجاتها من هلاك محقق في الدنيا والاخرة وبعد ان تزوجا ذهبت معه الي قصرة الكبير .. رأت فيه ما لم تري عينها من قبل وكأنه قطعه من الجنة .. آيات الله معلقة في كل مكان من ارجاء القصر.. صوت عذب يتلو القرآن الكريم وكأنه صوت من الجنة .. رائحة جميلة لم تشمها من قبل .. ارتياح شديد وطمأنينة وسكينة احلت بها منذ اللحظة الاولي التي وطأت فيها قدماها هذا القصر لدرجة انها قالت متعجبة
رشا .. الله .. انا حاسة اني في الجنة !!
نور يبتسم لها ويطلب منها ان يدخل الي غرفته قليلا ويمر وقت طويل ولم يخرج نور من غرفته فتقلق رشا وتقرر ان تدخل اليه لتطمئن عليه وتفتح باب الغرفة فتجده ساجدا علي الارض وكأنه كان يصلي فتظل تنظر اليه ولكنه اطال السجود ولم يقم منه بعد مرور وقت طويل فقلقت وتوجهت نحوه لتطمئن عليه حتي علمت انه مات ساجدا ولعل الصدمة الكبري انه ترك لها هذا القصر بالاضافة الي مال كثير لا يعد ولا يحصي .. ادركت رشا حينها ان الله قد كتب لها الهداية وان تعود عن طريق المعصية وان تتخلص من مالها الحرام حتي يرزقها ويعوضها بالمال الحلال .. وما عند الله خير وابقي .. عاشت بعده سنه كاملة قضتها في طاعة الله وفعل الخيرات حتي ماتت وغسلت وكفنت في الكفن الذي كان معها .....
انتهت قصتي ولم تنتهي محبتي .. دمتم في حفظ الله وعونه .. تحياتي الكاتب والسيناريست المصري محمد مالك.
تعليقات
إرسال تعليق